في ثمانينيات القرن الماضي ظهر في المملكة المتحدة البريطانية والولايات المتحدة الأمريكية مفهوم الخصخصة وانواعها، والذي يعد من الأنظمة المتبعة لمواجهة الأزمات المالية والاقتصادية المختلفة التي تمر بها الدولة.
الجدير بالذكر أن هذا النظام لديه عدة معايير وأسس تختلف من دولة إلى أخرى، ويرجع ذلك إلى الاقتصاد الذي تقوم عليه أي دولة، والذي ينقسم بشكل عام إلى قطاع عام وقطاع خاص، لهذا فيجب أن نكون على دراية كاملة بأسباب وأهداف الخصخصة، لهذا يساعدنا موقع ميدان العدالة في فهم إيجابيات الخصخصة وسلبياتها.
الخصخصة وانواعها

قبل أن يتم التعرف على الخصخصة وانواعها، فإنه يجب تعريف الخصخصة، والتي يتم تعريفها على أنها ممتلكات حكومية يتم نقلها هي وما تقدمه من أعمال وخدمات إلى القطاع الخاص بشكل جزئي أو كلي، وعندها لا يكون للحكومة مِلك أو سلطة على الكيان الذي تم تخصيصه.
الجدير بالذكر أن الخصخصة تهدف إلى تعزيز الكفاءة الخاصة بالخدمات أو المنتجات التي يتم تقديمها، فالخصخصة بشكل أبسط عبارة عن نقل الموارد الاقتصادية التي تكون مملوكة ملكية عامة، بما تتضمنها من أعمال تجارية، إلى كيانات أو أفراد خاصة، وفي الأغلب يكون ذلك الأمر في صناعات أو خدمات معينة.
الأهم من ذلك أن هناك بعض الحالات التي يمكن أن تكون الملكية الخاصة جزءًا من شراكة أكبر بين القطاع العام والقطاع الخاص، وذلك مثل استخدام الأموال العامة لكي يتم تمويل شركة خاصة.
تجدر الإشارة إلى ذكر بعض المجالات التي يتم تنفيذ الخصخصة بها، والتي من أبرزها المرافق مثل الكهرباء، والمياه، والنقل، والغاز، والسكك الحديدية، والنقل العام، والمطارات، والتعليم، والرعاية الصحية، والضمان الاجتماعي وغير ذلك الكثير.
وعليه نشير أيضًا إلى أن مؤيدي الخصخصة يرون أن الشركات الخاصة تكون أكثر خضوعًا وكفاءةً للمساءلة، وذلك من الشركات التابعة للقطاع العام، كما أنهم يرون أن الملكية الخاصة تؤدي في الكثير من الأحيان إلى النمو الاقتصادي، وزيادة الاستثمار.
ومع ذلك فإن هناك معارضين لهذا النظام، والذي يرون أنها قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وأيضًا افتقار الوصول إلى الخدمات الأساسية، وأيضًا فقدان المساءلة.
اقرأ أيضًا: الخصخصة
أنواع الخصخصة
استكمالًا للتعرف على الخصخصة وانواعها، نشير إلى أن الخصخصة تهدف إلى تعزيز كفاءة المنتجات والخدمات المقدمة، وعليه يمكن أن نوجز أنواع الخصخصة في الآتي:
1- الخصخصة الكلية
يشمل هذا النوع نقل جميع أسهم رأس مال المؤسسات العامة التي تتبع القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص.
2- الخصخصة الجزئية
في سياق معرفة الخصخصة وانواعها نوضح أن الخصخصة الجزئية هي نقل جزء من ملكية المؤسسات التي تتبع القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص، وهذا من خلال بيع جزء من رأس مال تلك المؤسسات للعامة.
3- الاكتتاب
هو الاكتتاب العام على المنشآت التي يتم طرحها للخصخصة من المواطنين، وذلك لتوسيع قاعدة الملكية، بالإضافة إلى إعطاء فرص متساوية للجميع للحصول على أسهم في تلك المنشآت.
4- الامتياز
هذا النوع يعني قيام شركة خاصة بإدارة خدمة عامة، وتكون تلك الخدمة بريدية، أو نظام اتصالات، أو نظام نقل عام، ويتم في هذا النظام نقل القطاع العام، والخدمات، والأصول، والبنية التحتية إلى الشركة الخاصة، والتي تقدم تلك الخدمات بعد ذلك للعامة، وذلك مع تحديد الأسعار.
5- البناء- التشغيل- النقل
يشبه هذا النظام نظام الامتياز، لكن تكون الشركة الخاصة مسؤولة عن تصميم وبناء وتشغيل الأصل، ويتم إعادته بعد ذلك إلى الحكومة في نهاية فترة العقد.
6- خصخصة عقود الإدارة
أي يتم نقل إدارة المؤسسات التابعة للقطاع الحكومي للقطاع الخاص، وذلك مع بقاء ملكية هذه المؤسسات للقطاع الحكومي، ويُذكر أنه يتم استخدام هذا النوع في عدة خدمات مثل الإسكان، والرعاية الصحية، وإدارة النفايات الصلبة وغيرها، كما أنه يمكن أن يكون قصير أو طويل الأجل.
7- خصخصة عقود التأجير
يتم السماح للقطاع الخاص في هذا النوع باستثمار الموارد والأصول المملوكة للقطاع العام لمدة معينة، وذلك مقابل أجور تُحدد من الدولة، وغالبًا ما يتم الاستعانة بهذا النظام، لأنه يسمح للدولة بأن تولد إيرادات، وتحتفظ بدرجة معينة من السيطرة على الأصل.
8- الشراكة بين القطاعين العام والخاص
يتم التعاون بين القطاعين العام والخاص في ذلك النوع، وهذا لتقديم خدمة عامة أو أصل، إذ إن القطاع الخاص يوفر التصميم والتمويل والبناء، أو تشغيل الأصول، لكن القطاع العام يظل مسؤولًا عن تنظيم المشروع مع الإشراف عليه.
اقرأ أيضًا: نظام المنافسة
أهداف الخصخصة

على ذكر مفهوم الخصخصة وانواعها، نشير إلى أن هناك عدة أهداف يتم تحقيقها عند الاستعانة بنظام الخصخصة، والتي من أبرزها ما يلي:
- تحرير الأنشطة المالية والاقتصادية في الدولة.
- محاولة تحقيق أعلى معدلات النمو الاقتصادي بالدولة.
- خفض دور الدولة في الاقتصاد.
- تقليل الأعباء المالية التي تكون على الموازنة العامة للدولة.
- محاولة استغلال المؤسسات التي تتبع القطاع العام بشكل مثالي، خاصةً التي لا تعود بالربح على الدولة.
- القيام بتوفير مختلف المهارات من مهارات مالية، وإدارية، وتجارية، وفنية ذات الكفاءة العالية، بالإضافة إلى الاهتمام بجميع متطلبات واحتياجات العملاء.
- أن يتم توفير بعض الموارد للخزينة العامة الخاصة بالدولة، وذلك بواسطة بيع بعض مؤسسات القطاع العام.
- محاولة تفعيل الدور الخاص بالقطاعات الخاصة في تنمية الدولة الاقتصادية.
- العمل على توسيع إمكانية مشاركة أفراد المجتمع في امتلاك الأصول الحكومية.
- تحفيز العاملين على تطوير الإنتاج وزيادته.
- تقليل توغل الفساد المالي والإداري في القطاع الحكومي.
- أن يتم تحسين ظروف الموظفين العملية في القطاعات الحكومية.
- العمل على تحفيز الابداع والابتكار.
- إمكانية تحقيق الانضباط السلوكي بالعمل.
- أن يتم اكتساب ثقة المستثمرين الأجانب والمواطنين معًا.
- تقليص هروب رؤوس الأموال بالخارج.
- أن يتم الاهتمام بالجانب العلمي، وهذا من أجل تحسين مستوى أداء العملية الاقتصادية.
عيوب الخصخصة
من خلال معرفة الخصخصة وانواعها، وأيضًا أهدافها، فتجدر الإشارة إلى أنه إذا لم يتم إجراء دراسات هادفة على الخصخصة، وما تحققه من مصلحة عامة للمواطنين، فإنه قد يكون هناك بعض السلبيات التي من أبرزها ما يلي:
- يمكن أن ترتفع معدلات التضخم.
- حدوث ارتفاع في نسبة احتكار المشاريع.
- أن يتم فقدان السيطرة بشكل عام على الخدمات والأصول التي يتم تخصيصها، وذلك بشكل خاص إذا كانت الشركة الخاصة المتولية الخدمات أو الأصول ليست مسؤولة أمام الجمهور بالطريقة نفسها التي كان عليها الكيان المملوك للحكومة.
- يمكن أن يحدث تدهورًا لعدد من الخدمات التي يتم تقديمها للمواطنين من الفئات الأقل، خاصةً في الحالات التي تكون الشركة الخاصة بها المتولية الأصول أو الخدمات أكثر اهتمامًا بتحقيق قدر عالٍ من الأرباح، وذلك من تلبية احتياجات المجتمع.
- يمكن أن تغيب المساواة الاقتصادية والاجتماعية، إذ إن هناك بعض الشركات الخاصة التي تهتم أكثر بتلبية احتياجات العملاء الذين لهم أجور مرتفعة، وذلك بدلًا من احتياجات الأفراد المهمشين أو الأكثر فقرًا.
- قد يتم الاستغناء عن بعض العمال، ولا يتم احتوائهم بالشكل الملائم، مما يضر باستقرار المجتمع.
- هناك احتمالية أن يتم ارتفاع في أسعار بعض الخدمات، كما أنه يمكن أن تزيد التكاليف على المستهلكين، مما يؤثر على طبقة ما في المجتمع بعينها.
ضوابط الخصخصة
مثلما ذكرنا سلفًا عن الخصخصة وانواعها، نشير إلى أن الخصخصة بشكل عام تعد نقل ملكية الخدمات أو الأصول العامة من القطاع العام إلى الشركات الخاصة غير الهادفة للربح، ومن أجل تطبيق الخصخصة بشكل صحيح، هناك بعض الضوابط التي يجب مراعاتها، وهي:
- أن يكون هناك استراتيجية واضحة تساعد على تحديد أهداف الخصخصة ومبرراتها، كما يجب أن يشمل ذلك تقييمًا شاملًا للخيارات المتاحة، وأن يتم مقارنة الأثر المحتمل للخصخصة، مع الاحتفاظ بالإدارة العامة.
- ينبغي أن يتم اتباع عملية مناقصة شفافة ومستقلة، وذلك لتوفير وصول مفتوح ومتساوي لمقدمي القطاع الخاص المحتملين، ويجب أيضًا السماح لهم بالتنافس، وذلك لتلبية احتياجات الخدمة العامة المحددة.
- يلزم عمل مراقبة دقيقة للخدمة المخصخصة، وأيضًا البيئة التنظيمية التي تعمل بها، وهذا مع توفير فحوصات تساعد على التأكد من مستوى الخدمة المقدمة أنها من نوعية جيدة، وأن الخدمات الأساسية تكون في متناول أيدي الجميع.
- يلزم احتفاظ الحكومة بشكل من أشكال الملكية العامة، ويمكن القيام بذلك عن طريق الاحتفاظ بالحق في الاحتفاظ بالسيطرة والملكية على الأصول المهمة، أو عن طريق الاحتفاظ بالحقوق المفضلة في المشغل الخاص الجديد.
اقرأ أيضًا: عقود التخصيص
الأسئلة الشائعة
ما الفرق بين التحول والتخصيص؟
يعتبر التحول انتقال خضوع موظفي جهة حكومية من نظام الخدمة المدنية، أو أي نظام آخر لنظام العمل، أما التخصيص انتقال تبعية موظفي جهة حكومية من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
ما هي فوائد الخصخصة للموظفين؟
من فوائد الخصخصة للموظفين أنه يتم الابتكار في تقديم الخدمات للوافدين والمواطنين، مع تقليل روتين العمل الممل وغير ذلك الكثير.
هل الخصخصة تشمل الإداريين؟
نعم الخصخصة تشمل الإداريين، حيث يتم نقل ملكية الشركة الكاملة من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
في النهاية نشير إلى أن الخصخصة وانواعها تضمن إرساء نظام مسؤول وفعال للخدمات العامة، وذلك لتحقيق المزيد من التقدم، ومعالجة الكثير من القضايا الاقتصادية والمالية المختلفة التي تضمن نجاحًا ساحقًا مستقبلًا.
لا تعليق