القرار الإداري هو عمل قانوني يصدر عن الإدارة العامة في الدولة بقصد إحداث أثر قانوني معين، ويُعد الأداة الأساسية التي تمارس من خلالها الإدارة سلطتها في تنفيذ الأنظمة وتحقيق المصلحة العامة، ومن موقع ميدان العدالة سنتعرف على أنواع القرار الإداري، وأركانه.
أنواع القرار الإداري في السعودية

يتميز القرار الإداري بطابعه الإلزامي والانفرادي، فهو يصدر بإرادة منفردة من جهة الإدارة دون حاجة إلى موافقة الطرف الآخر، ويتصف بقدرته على إحداث آثار قانونية تجاه الأفراد أو الكيانات، سواء بإضفاء حقوق أو فرض التزامات، ويحظى ذلك القرار بأهمية كبرى في النظام القانوني السعودي.
يتخذ القرار الإداري في المملكة العربية السعودية أشكالاً متعددة بحسب طبيعته القانونية، ومصدره، والجهة التي تصدره، والأثر الذي يحدثه، ويمكن تصنيف أنواعه وفقًا للمعايير المختلفة التالية:
- من حيث التكوين: ينقسم القرار إلى قرار فردي وقرار تنظيمي، فالقرار الفردي يخص شخصًا أو حالة معينة مثل قرار تعيين موظف أو ترقية، أما القرار التنظيمي فهو الذي يصدر لتنظيم موضوع عام، ويخاطب فئة غير محددة بذاتها كأن تصدر الجهة الإدارية لائحة داخلية تنظم سير العمل في مرفق معين.
- من حيث الأثر الزمني: هناك قرارات منشئة وهي التي تُحدث وضعًا قانونيًا مختلفًا جديدًا لم يكن موجودًا من قبل مثل منح رخصة بناء، وقرارات كاشفة وهي التي لا تنشئ وضعًا قانونيًا جديدًا، وإنما تُقر ما هو قائم كقرار إثبات جنسية.
- من حيث إمكانية التنفيذ: هناك قرارات إدارية ملزمة تمتلك قوة تنفيذية مباشرة دون الحاجة إلى موافقة من جهة أخرى، وهناك قرارات غير ملزمة تأخذ شكل التوصيات أو الآراء ولا تتمتع بسلطة الإلزام.
- من حيث المدة الزمنية: تنقسم إلى قرارات مؤقتة ينتهي أثرها بانتهاء مدة معينة أو بتحقق واقعة محددة، وقرارات دائمة تظل سارية حتى يتم إلغاؤها أو تعديلها.
- من حيث الجهة التي تصدر القرار: تصدر بعض القرارات عن سلطات مركزية كالمجالس الوزارية، وبعضها عن سلطات لا مركزية كالإدارات المحلية أو الهيئات المستقلة، وهو ما يعكس تعدد مستويات التنظيم الإداري في المملكة العربية السعودية.
اقرأ أيضًا: القانون الإداري
أركان القرار الإداري في السعودية
لكي يكون ذلك القرار في صحيحًا ومنتجًا لآثاره القانونية، لا بد من توفر مجموعة من الأركان الجوهرية التي يستند إليها في تكوينه، ويمكننا تلخيصها في النقاط الآتية:
- الاختصاص: ويقصد به أن تصدر الجهة الإدارية القرار ضمن نطاق صلاحياتها التي يحددها النظام، فإذا تجاوزت الإدارة حدود اختصاصها كان القرار قابلاً للإلغاء.
- الشكل: ويعني ضرورة التزام الإدارة بالشكل القانوني الذي يحدده النظام لإصدار القرار، سواء من حيث الكتابة، أو التوقيع، أو اعتماد نموذج معين، علمًا بأن مخالفة الشكل لا تبطل القرار إلا إذا نص النظام صراحة على ذلك.
- السبب: وهو الواقعة القانونية أو المادية التي تدفع الإدارة إلى إصدار القرار، ويجب أن يكون السبب حقيقيًا وثابتًا، وإلا اعتُبر القرار مشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة.
- المحل: ويمثل الأثر القانوني الذي يرتبه القرار، كمنح حق أو فرض التزام، ويجب أن يكون المحل مشروعًا وجائزًا قانونًا، وإلا كان القرار باطلًا.
- الغاية: وهي الهدف النهائي الذي تسعى الإدارة لتحقيقه من خلال القرار، ويجب أن تكون الغاية مرتبطة بالمصلحة العامة، فإذا انحرفت الإدارة عن تحقيق هذه الغاية أصبح القرار مشوبًا بعيب الانحراف في استعمال السلطة.
الطعن في القرارات الإدارية
يُعد الطعن في القرارات الإدارية أحد الوسائل الأساسية في المملكة العربية السعودية لتحقيق الرقابة على عمل الإدارة وضمان التزامها بمبدأ المشروعية، وتتنوع طرق الطعن بحسب النظام السعودي إلى ما يلي:
- التظلم الإداري: يُعد مرحلة أولية للطعن، حيث يتقدم المتضرر من القرار إلى الجهة الإدارية ذاتها أو إلى الجهة الأعلى منها بطلب إعادة النظر في القرار الصادر، ويُشترط أن يتم التظلم خلال المدة النظامية المحددة لتقديمه.
- دعوى الإلغاء أمام المحكمة الإدارية: وهي الوسيلة القضائية للطعن في القرارات الإدارية غير المشروعة، ويشترط لقبول الدعوى توافر شروط منها: أن يكون القرار نهائيًا، وأن يكون للطاعن مصلحة مباشرة، وأن تُرفع الدعوى خلال المدة المحددة نظامًا.
- دعوى التعويض: ويمكن رفعها إذا ترتب على القرارات الإدارية ضرر مادي أو معنوي، حتى ولو لم يُلغَ القرار، بشرط إثبات العلاقة السببية بين القرار والضرر الحاصل.
القرارات الإدارية في النظام السعودي

يولي النظام السعودي أهمية بالغة للقرار الإداري باعتباره أداة لتنفيذ السياسات العامة وتحقيق الصالح العام، وقد أولى نظام الإجراءات والمرافعات أمام ديوان المظالم أهمية خاصة للطعن في هذه القرارات، وبيّن وسائل المراجعة القضائية من أجل ضمان شرعية تصرفات الإدارة.
كما أن مجلس الوزراء وهيئة الخبراء ووزارة الموارد البشرية وغيرها من الجهات تصدر قرارات تنظيمية وفردية بانتظام، في إطار أداء مهامها التنفيذية، كما أن الرقابة القضائية على القرار الإداري تُعد ضمان مركزي لحماية الحقوق، ويضطلع بها ديوان المظالم من خلال محاكمه الإدارية التي تفصل في المنازعات المتعلقة بشرعية القرارات الإدارية.
اقرأ أيضًا: تنفيذ الاحكام الإدارية
تمييز القرارات الإدارية عن الأعمال الأخرى
تشترك القرارات الإدارية مع غيرها من الأعمال القانونية في بعض الخصائص، لكنها تتميز عنها بسمات فريدة، ومن أهم أوجه هذا التمييز:
- القرارات الإدارية والعمل التشريعي: يصدر العمل التشريعي عن السلطة التشريعية، ويستهدف وضع قواعد عامة ومجردة، بينما يصدر القرار الإداري عن سلطة تنفيذية ويهدف إلى تطبيق القواعد القانونية على حالات فردية.
- القرارات الإدارية والعمل القضائي: يصدر العمل القضائي عن جهة قضائية مختصة للفصل في نزاع قائم، بينما تصدر القرارات الإدارية عن الإدارة لتحقيق مصلحة عامة ولا يستلزم وجود نزاع.
- القرارات الإدارية والتصرف الإداري: التصرف الإداري يشمل كافة أعمال الإدارة، سواء كانت قرارات أو عقود أو أعمال مادية، بينما القرار الإداري يُعد أحد أشكال التصرف الإداري المتسمة بالإلزامية والانفرادية.
الرقابة القضائية على القرار الإداري في السعودية
يُشترَط لقبول الدعاوى مجموعة هامة من الشروط المختلفة، من أبرزها الصفة والمصلحة، وانعدام القرار المطعون فيه من المشروعية، واتباع الإجراءات النظامية لرفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية المختصة، كما تُعتبر الرقابة القضائية على القرارات الإدارية من أبرز ضمانات احترام الإدارة لمبدأ المشروعية، وتتحقق هذه الرقابة في النظام السعودي من خلال اختصاص ديوان المظالم بالنظر في:
- دعوى الإلغاء: تهدف إلى إبطال القرارات الإدارية المخالفة للأنظمة، وتُعد من أهم الوسائل القضائية لحماية الحقوق والحريات.
- دعوى التعويض: هي دعوى مستقلة عن دعوى الإلغاء، وتهدف إلى تعويض المتضرر عن الضرر الذي لحقه من جراء القرارات الإدارية، سواء أُلغي القرار أو بقي نافذًا.
- رقابة وقف التنفيذ: وهي وسيلة مؤقتة لوقف تنفيذ القرارات الإدارية إذا ترتب على تنفيذها أضرار جسيمة يتعذر تداركها.
اقرأ أيضًا: افضل محامي ضرائب في جدة
الأسئلة الشائعة
ما المقصود بالقرار الإداري في النظام السعودي؟
هو إجراء قانوني يصدر من جهة إدارية مختصة بإرادتها المنفردة، ويترتب عليه أثر قانوني مباشر في مركز قانوني معين.
كيف يمكن الطعن في القرارات الإدارية؟
من خلال التظلم الإداري أمام الجهة مصدرة القرار، ثم رفع دعوى أمام المحكمة الإدارية المختصة بديوان المظالم عند عدم الاستجابة أو الرفض.
من الجهة المختصة بنظر دعاوى القرارات الإدارية؟
ديوان المظالم في المملكة هو الجهة القضائية المختصة بالفصل في الطعون على القرارات الصادرة عن الجهات الإدارية.
إن القرار الإداري في السعودية يُمثل الوسيلة القانونية التي تُمارس بها الإدارة سلطاتها في تنفيذ الأنظمة وتحقيق المصلحة العامة، ويُعد أحد أهم أدوات التسيير الإداري، كما تكمن أهميته في كونه فعلًا قانونيًا نافذًا بذاته، ويُمكن الطعن فيه إذا شابه عيب من عيوب المشروعية، الأمر الذي يُحقق التوازن بين السلطة التنفيذية من جهة، وحقوق الأفراد من جهة أخرى، كما أن الرقابة القضائية تمثل صمام الأمان في ضمان خضوع القرارات الإدارية لسلطان القانون، وبالتالي تعزيز مبادئ العدالة وسيادة النظام في الدولة.
dvqgoz