يُعد تأسيس الجمعيات الأهلية في المملكة العربية السعودية خطوة جوهرية نحو تعزيز العمل الخيري والتنموي، حيث توفر هذه الجمعيات بيئة منظمة لدعم مختلف القطاعات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ومع التطور المستمر في الأنظمة السعودية أصبح تأسيس الجمعيات يخضع لإطار قانوني واضح يهدف إلى تنظيمها وضمان فعاليتها واستدامتها.
ومن خلال موقع ميدان العدالة، سنقدم دليلًا تفصيليًا حول كيفية تأسيس تلك الجمعيات، بدءًا من الشروط والمتطلبات، مرورًا بالإجراءات القانونية، وصولًا إلى التحديات المحتملة والحلول المقترحة.
تأسيس الجمعيات الأهلية

تُعرّف الجمعيات الأهلية بأنها منظمات غير ربحية تُنشأ لتحقيق أهداف اجتماعية أو ثقافية أو خيرية، وتعمل على سد الفجوات التي قد لا تتمكن الجهات الحكومية من تغطيتها بالكامل، وتساهم هذه الجمعيات في التنمية المستدامة، وتعزز مبدأ التكافل الاجتماعي من خلال تقديم خدمات متنوعة للمجتمع.
يعد تأسيس الجمعيات الأهلية في السعودية خطوة تنظيمية مهمة لدعم العمل المجتمعي والتنموي، حيث يتيح للأفراد إنشاء منظمات غير ربحية تخدم مختلف القطاعات، ويخضع التأسيس لنظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ويتطلب استيفاء شروط مثل وجود خمسة مؤسسين، وتحديد أهداف واضحة، وتسجيل الجمعية لدى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، كما تشمل الإجراءات تقديم طلب إلكتروني، والحصول على الموافقة، وفتح حساب مصرفي.
تسهم الجمعيات في تعزيز التكافل الاجتماعي، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية، مع إمكانية الحصول على تمويل عبر التبرعات أو الدعم الحكومي، كما تلعب دورًا في تمكين الشباب، وتحفيز التطوع، وتعزيز الشراكات مع القطاعين العام والخاص.
ويتطلب نجاح الجمعيات التخطيط الجيد، والإدارة الفعالة، والالتزام بالأنظمة واللوائح، كما يعد الامتثال القانوني والاستعانة بمحامٍ متخصص مفتاحًا لضمان نجاح الجمعية واستدامتها، حيث يساعد المحامي في صياغة اللوائح التنظيمية، وتقديم الاستشارات القانونية، وحماية الجمعية من أي مشكلات قانونية مستقبلية، وذلك من خلال التأسيس الصحيح والإدارة الحكيمة، ويمكن للجمعيات الأهلية أن تصبح عنصرًا أساسيًا في التنمية المستدامة بالمملكة.
اقرأ أيضًا: الصناديق العائلية
أهمية الجمعيات الأهلية في السعودية
للجمعيات الأهلية أهمية كبيرة في خدمة الحياة المجتمعية، إليك أبرز الأدوار التي تقدمها تلك الجمعيات:
- دعم الفئات المحتاجة من خلال برامج الرعاية الاجتماعية والمساعدات الإنسانية.
- تعزيز الوعي المجتمعي في مختلف المجالات مثل التعليم والصحة والبيئة.
- تشجيع العمل التطوعي وترسيخ قيم المسؤولية الاجتماعية.
- توفير فرص عمل جديدة وإشراك الشباب في العمل التنموي.
الإطار القانوني لتنظيم الجمعيات الأهلية في السعودية
يخضع تأسيس تلك الجمعيات لنظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/8) بتاريخ 19 / 2 / 1437 هـ، والذي يهدف إلى تنظيم أعمال الجمعيات وضمان الشفافية والحوكمة الرشيدة في إدارتها، وأبرز هذه القوانين:
- ضرورة تسجيل الجمعية في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
- اشتراط عدم تعارض أهداف الجمعية مع الأنظمة العامة للدولة.
- الالتزام بتقديم التقارير المالية والإدارية بشكل دوري.
- ضرورة وجود لائحة أساسية تنظم عمل الجمعية وأهدافها.
شروط تأسيس الجمعيات الأهلية في السعودية
يتطلب تأسيس جمعية أهلية في المملكة استيفاء مجموعة من الشروط التي تضمن قانونية وفعالية نشاطها، وأهم هذه الشروط:
- ألا يقل عدد المؤسسين عن خمسة أفراد يحملون الجنسية السعودية.
- أن يكون لدى المؤسسين خبرة في المجال الذي ستعمل فيه الجمعية.
- تحديد أهداف واضحة ومتوافقة مع النظام العام في المملكة.
- توفير مقر رسمي لإدارة الجمعية.
- إعداد اللائحة الأساسية التي تحدد آلية العمل والهيكلة الإدارية.
اقرأ أيضًا: الجمعية العامة العادية للشركات
خطوات وإجراءات تأسيس الجمعيات الأهلية في السعودية
تتطلب عملية تأسيس الجمعيات الأهلية في السعودية المرور بعدة خطوات رسمية تهدف إلى ضمان الامتثال للأنظمة والقوانين المعمول بها، ويمكننا تلخيص خطوات التأسيس في الآتي:
- تقديم طلب التأسيس: يتم تقديم طلب إلكتروني عبر بوابة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، متضمنًا بيانات المؤسسين واللائحة الأساسية.
- دراسة الطلب والموافقة المبدئية: تقوم الوزارة بمراجعة الطلب والتأكد من استيفائه للشروط، ثم تمنح الموافقة المبدئية إذا كان الطلب مستوفيًا.
- فتح حساب بنكي: يُطلب من المؤسسين فتح حساب مصرفي باسم الجمعية لتسهيل المعاملات المالية.
- إتمام الإجراءات القانونية: تشمل التعاقد مع محاسب قانوني، وإعداد خطة تشغيلية واضحة، والتسجيل في الجهات الحكومية الأخرى مثل الزكاة والدخل.
- إصدار الترخيص النهائي: بعد استكمال جميع المتطلبات يتم منح الجمعية ترخيصًا رسميًا يسمح لها بمزاولة أنشطتها.
مصادر التمويل للجمعيات الأهلية في السعودية

يعد التمويل عاملًا أساسيًا لاستدامة الجمعيات الأهلية، وهناك عدة مصادر يمكن الاعتماد عليها لضمان استمرارية العمل، ومن أبرز مصادر التمويل:
- التبرعات والهبات من الأفراد والشركات.
- الدعم الحكومي من خلال وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
- الاشتراكات السنوية من الأعضاء.
- العوائد الناتجة عن المشاريع الاستثمارية للجمعية.
- الشراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات المانحة.
التحديات التي تواجه تأسيس الجمعيات الأهلية في السعودية
على الرغم من التسهيلات المتاحة، تواجه الجمعيات الأهلية بعض التحديات التي قد تعرقل مسيرتها، ومن تلك التحديات:
- صعوبة تأمين التمويل الكافي لضمان استدامة الأنشطة.
- الحاجة إلى كوادر بشرية متخصصة في الإدارة والتخطيط المالي.
- الامتثال للأنظمة والمتطلبات القانونية المتجددة.
- تحديات التسويق والتواصل مع الجمهور لكسب ثقتهم ودعمهم.
- تحديات تواجه الجمعيات الأهلية في السعودية وكيفية التغلب عليها.
كيفية التغلب على التحديات التي تواجه تأسيس الجمعيات الأهلية
على الرغم من التسهيلات التنظيمية والدعم الحكومي المقدم للجمعيات الأهلية، إلا أن هناك عددًا من التحديات التي قد تؤثر على أدائها واستدامتها، ويتطلب تأسيس الجمعيات الأهلية والتأكد من نجاحها التغلب على هذه العقبات من خلال استراتيجيات فعالة يمكننا تلخيصها في الآتي:
1- تأمين التمويل المستدام
يُعد التمويل أحد أكبر التحديات التي تواجه الجمعيات الأهلية، حيث تعتمد العديد منها على التبرعات والمنح، مما يجعلها عرضة للتقلبات المالية،و يمكن مواجهة ذلك من خلال تنويع مصادر الدخل، مثل إطلاق مشاريع استثمارية صغيرة، أو عقد شراكات مع مؤسسات القطاع الخاص، أو تقديم خدمات استشارية مدفوعة ذات صلة بنشاط الجمعية.
2- الامتثال للأنظمة والتشريعات
يخضع عمل الجمعيات الأهلية لأنظمة صارمة تتطلب الامتثال الكامل للإجراءات القانونية والإدارية، مثل تقديم التقارير المالية الدورية والتدقيق المستمر، ولتجنب العقوبات أو الإغلاق يجب على الجمعيات التعاون مع مستشارين قانونيين متخصصين لضمان الامتثال الكامل للوائح، كما يمكن الاستفادة من البرامج التدريبية المتاحة لتعزيز الوعي القانوني لدى القائمين على إدارتها.
3- استقطاب الكوادر المؤهلة والمتطوعين
تعاني بعض الجمعيات من نقص في الكوادر البشرية المدربة، مما قد يؤثر على جودة تنفيذ مشاريعها، ويمكن التغلب على ذلك عبر تطوير برامج تدريبية داخلية، وإطلاق حملات جذب المتطوعين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تقديم حوافز معنوية للمتطوعين تشجعهم على الاستمرار والمشاركة الفعالة.
4- بناء الثقة والتسويق الفعّال
غالبًا ما تواجه الجمعيات الأهلية صعوبة في جذب الدعم المجتمعي بسبب قلة الوعي ببرامجها أو ضعف استراتيجيات التسويق، يمكن تحسين ذلك عبر تعزيز الشفافية، ومشاركة قصص النجاح، وتنفيذ حملات إعلانية توضح تأثير الجمعية في المجتمع، مما يساعد في بناء علاقات قوية مع المتبرعين والشركاء.
الحلول المقترحة لضمان نجاح الجمعيات الأهلية
يمكن التغلب على هذه التحديات عبر استراتيجيات فعالة تضمن استمرارية ونجاح الجمعية، ومن هذه الحلول:
- البحث عن مصادر تمويل متعددة وعدم الاعتماد على جهة واحدة.
- الاستثمار في بناء فريق عمل مؤهل ومدرّب.
- تعزيز الشفافية والالتزام بالقوانين واللوائح التنظيمية.
- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي للترويج للجمعية.
دور المحامي السعودي في تأسيس الجمعيات الأهلية
يعد المحامي السعودي عنصرًا أساسيًا في عملية تأسيس الجمعيات الأهلية، حيث يساعد في إعداد المستندات القانونية وضمان الامتثال لجميع المتطلبات، ومن أهم الخدمات التي يقدمها المحامي في تأسيس الجمعيات ما يلي:
- تقديم الاستشارات القانونية حول الشروط والإجراءات المطلوبة.
- إعداد وصياغة اللوائح الأساسية والعقود القانونية.
- تمثيل الجمعية أمام الجهات الحكومية خلال عملية التسجيل.
- تقديم الدعم القانوني المستمر لضمان امتثال الجمعية للقوانين.
اقرأ أيضًا: افضل المحامين في الرياض
الأسئلة الشائعة
كم يستغرق الحصول على ترخيص الجمعية الأهلية؟
يعتمد ذلك على استكمال جميع المتطلبات، وعادةً ما تستغرق العملية من شهرين إلى ستة أشهر.
هل يمكن للأجانب المشاركة في تأسيس جمعية أهلية؟
لا، يشترط أن يكون جميع المؤسسين من السعوديين، ولكن يمكن للأجانب العمل في الجمعية بعد تأسيسها وفقًا للأنظمة.
هل يشترط وجود مقر فعلي للجمعية؟
نعم، يُشترط وجود مقر رسمي لإدارة الجمعية، حتى لو كان افتراضيًا في بعض الحالات وفقًا للوائح المنظمة.
يُعد تأسيس الجمعيات الأهلية في السعودية خطوة مهمة نحو تعزيز العمل المجتمعي وتحقيق التنمية المستدامة، ومع التسهيلات الحكومية والدعم المتاح، أصبح بإمكان الأفراد تأسيس جمعياتهم بطريقة نظامية وفعالة، كما أن العمل الأهلي يمثل ركيزة أساسية في بناء مجتمع أكثر تكافلًا، ويعكس روح المسؤولية الاجتماعية التي تحث عليها رؤية المملكة 2030، مما يجعل من تأسيس الجمعيات الأهلية خطوة نحو مستقبل أكثر إشراقًا للمجتمعات.
لا تعليق